You Are Here: Home» » في اليوم العالمي للمراة ..ماذا تحقق للمراة العراقية

تحتفل نساء العالم باليوم العالمي للمرأة والذي يوافق هذا العام السنة العالمية للمرأة لكن المرأة في العراق بعيدة عن هذه الأعياد والاحتفالات الشكلية العالمية بسبب الحزن والألم والقتامة التي تلف حياتها وجميع مفاصل الحياة العامة حتى بات الحزن هو السمة المميزة للمرأة العراقية وهي تعاني ما يعانيه الشعب بأكمله من وضع سياسي غير مستقر وتدهور امني مستمر وغياب لأغلب وسائل الخدمات الضرورية , ويحق لنا أن نتساءل ترى ماهي الحقوق التي تحققت للمرأة إذا كان أهم تلك الحقوق ألا وهي الحرية مصادرة في العراق؟. حيث لا تزال الكثير من النساء يفتقدن إلى الحد الأدنى من الحرية سواء على نطاق الأسرة أو المجتمع أو الوظيفة أو المرافق العامة , قد يعزو البعض في مقدمة هذه المعوقات إلى الأوضاع العامة المتدهورة التي لم تتحسن رغم مرور خمس سنوات على شعارات الزيف والكذب بتطبيق الديمقراطية الجديدة والتي الحرية هي من أولى مقوماتها . صحيح إن الوضع الأمني له التأثير الكبير على المرأة لأنها تمنعها من ممارسة نشاطاتها الاجتماعية إلا انه بنفس الوقت يعكس مدى الأزمة السياسية التي تعيشها الكتل السياسية والأحزاب الحاكمة ومدى خلافاتها السياسية الذي يترك أثاره السلبية على جميع الإفراد وعلى المرأة بالخصوص , فكيف تحتفل المرأة العراقية بيومها العالمي ـ وهذه السنة بأكملها مخصص لها ـ وهي مسلوبة الحقوق والحرية وتحت تأثير العنف بأشكاله ودرجاته ؟ .
ولو أخذنا الدستور العراقي الذي طالما ناضلت من اجله المنظمات المدنية والاجتماعية من اجل تثبيت حقوق المرأة فلا يزال يحوي بعض المواد التي تنتهك حقوق المرأة وحرياتها الطبيعية , فلا تزال المادة (41 ) باقية رغم أصوات الاحتجاج الكثيرة على إلغائها أو تعديلها إلا إن تلك المادة تأبى أن تفارق الدستور رغما عنه , فقد كانت المنظمات النسائية والمدنية والإنسانية الدور الكبير والفعال في إلغاء القرار( 137) الذي كان قد أصدره مجلس الحكم المحلي الموقت إلا إن هذا القرار أعيد صياغته ليظهر مرة أخرى في الدستور بالمادة (41 ) لكننا لم نسمع سوى صرخات الاحتجاج ضد هذه المادة ـ قد أسمعت لو ناديت حيا ـ لكن لم تتمكن أي جهة أو منظمة من تفعيل دورها وإلغاء هذه المادة ومنعها من التشريع ,
كما لا توجد أية ضمانة أكيدة لحماية حقوق المرأة التي تحملت الكثير من الأحزان والمسؤوليات في إعالة الأسرة بعد فقدها المعيل والقريب ضحايا العنف الإرهابي والطائفي , وازدياد أعمال العنف ضد المرأة الذي يعتبر ظاهرة عالمية تعود لازمان سحيقة لكن تتفاوت حدتها واتساعها من مجتمع لآخر ارتباطا بدرجة الوعي والإدراك على المستوى العالمي والذي يأخذ أشكالا مختلفة من عنف اجتماعي بصورة العادات والتقاليد إلى عنف قانوني المتمثل بالقوانين التي تخص أوضاع المرأة في الأسرة والأعذار القانونية لقانون العقوبات في قضايا القتل غسلا للعار التي تحكم لمدة لاتتجاوز الستة أشهر لمرتكبها , مرورا بالعنف الإعلامي الذي يظهرها كسلعة رخيصة في الإعلانات وصورة المرأة النمطية التي تخضع على نحو ذليل وإظهار المرأة المتحررة على أنها مثال للانحلال , ثم هناك العنف الجسدي الذي يعد اخطر وأقسى أنواع العنف ضد المرأة المتمثل بضرب المرأة أو قتلها وحرمانها من الحياة والذي تفاقم في الآونة الأخيرة حتى أصبح يهدد المجتمع بأسره بسبب الانفلات الأمني مع غياب الوعي المجتمعي التي تجرم المرأة لمجرد الاشتباه , وازدياد ظاهرة المد والتطرف الديني إضافة إلى اصطدام أي قضية تعاني منها المرأة بمقاومة ضارية من الرجعية والاستغلالية باسم الدين والقيود الاجتماعية التي تزيد من قساوة الظلم الاجتماعي بحقها وان دافعت المرأة عن قضيتها انطبق عليها قول الشاعر الكبير السياب :
الوعي بغي والتحرر سبة والهم جرم والكلام حرام
ومدافع عما يدين مخرب ومطالب بحقوقه هدام
إن بناء مجتمع مدني يساوي بين أفراده متعذر ما دامت المرأة فيه عرضة لانتهاك حقوقها وما دام ينظر إليها على أنها ضلع قاصر وناقصة عقل ودين وسيظل الرجال قوامون على النساء وللذكر مثل حظ الأنثيين وشهادة امرأتين تساوي شهادة رجل واحد .
لقد كانت للمنظمات المدنية والاجتماعية الدور الفعال في الدفاع عن قضايا المرأة إلا إننا نلاحظ انحسار هذه المنظمات من على الساحة العراقية وهجرتها المكثفة إلى البلدان الأخرى مما أدى إلى انخفاض تأثيرها على مجمل القرارات التي كان لها الأثر البالغ في تفعيل قضايا المرأة , فقد استطاعت تلك المنظمات أن تفرض نسبة تواجد النساء في البرلمان بنسبة لا تقل 25 % وبسبب تلك المنظمات تمكنت المرأة العراقية من تبوأ المناصب الوزارية والإدارية الرفيعة في الدولة , فأين هي تلك المنظمات وخطر المادة (41) يتهدد النساء قانونيا لما تكرسه هذه المادة من سيطرة التيارات الدينية على تنظيم الأسرة بعيدا عن روح الحضارة والتطور الذي يشهده العالم في كل مكان , خاصة وان اغلب الطوائف الدينية باشرت في إعداد مسودات قوانينها لتنظيم أحوالها الشخصية وتقديمها إلى البرلمان للمصادقة عليها وتشريعها بقوانين مما يزيد من تعدد القوانين المنظمة للأحوال الشخصي وتعدد المحاكم تبعا لذلك وبالتالي تعدد القرارات التي تحكم قضية معينة تبعا للمرجعية الديني ,
لذلك نناشد البرلمانيات ووزارة المرأة ـ المغيبة ـ أن يعاد النظر بالمادة (41 ) من الدستور وإيقافها أو تعديلها قبل فوات الأوان وان يبقى العمل بقانون الأحوال الشخصية النافذ لما تحققه من امتيازات ولو كانت في حدودها الدنيا لكنها هي الأفضل مقارنة بقوانين تعتمد المرجعيات الدنية في نصوصها , وأن يعاد العمل للمنظمات الاجتماعية والمدنية والإنسانية وفسح مجالات الحرية لهذه المنظمات وتفعيل دورها وتشكيل لجان للدفاع عن النساء ضحايا العنف والتمييز , والدفاع عن النساء الكفؤات ضحايا الإقصاء والتهميش بسبب القيود الاجتماعية , وفتح الساحة أمام المرأة لإثبات قدراتها .
أما على الصعيد الخاص فإننا ندعو المراكز الثقافية والاجتماعية اليزيدية إلى تأسيس جمعية ومنظمة نسائية مستقلة تضم الناشطات في مجالات حقوق الإنسان عامة والمرأة اليزيدية بوجه خاص أسوة بالمنظمات النسائية ـ ذات الخصوصية ـ تدعو إلى تبني قضايا المرأة ودعمها وتوعيتها بحقوقها القانونية والثقافية على أن يكون هناك دعم مالي وسياسي حكومي لضمان استقلالها ونشاطها وديمومتها والدفاع عن قضايا المرأة , لان المرأة لاتريد إلا أن تعيش بكرامة في دولة يحكمها القانون ويضمن حقها وحقوق أطفالها والعيش بكرامة في حياة مستقرة خالية من الظلم الاجتماعي .
ورفع المفاهيم المتناقضة حول قضية المرأة وإعادة صياغة المواد التي تميز بين النساء على ارض العراق وهذا لن يتحقق إلا بدستور علماني يستند على المواثيق والاتفاقيات العالمية لحقوق الإنسان العالمي وان تلتزم الدولة بتأكيد وضمان وحدة القانون والمحاكم وإنشاء جمعيات تهدف إلى التوعية والتثقيف حول قانون الأحوال الشخصية سلبياته وايجابياته , وان تطلق حرية التعبير عن هموم المرأة ومشاكلها وقضاياها بكل حرية دون أن توصف بالانحلال .
وعلينا أن نبدأ رحلة الألف ميل بخطوة واحدة لكنها جديدة وواعدة وعلينا أن لا نابه بمن يعيب علينا بدء الخطوة خاصة أن العالم يتحول بوتيرة متسارعة من حالة إلى أخرى في كافة مناحي الحياة .
ألف تحية لكل نساء العالم ولنساء العراق خاصة وباقة ورد لكل امرأة يزيدية بيومها العالمي وعام المرأة العالمي عسى أن تتحقق في العام القادم المزيد من المكتسبات والانجازات التي تضمنتها المواثيق العالمية وخاصة الاعلان العالمي لحقوق الانسان .

عاية بايزيد اسماعيل بك 

Tags:

0 التعليقات

Leave a Reply

سيتم قراءة تعليقك من قبل هيئة التحرير وفي حال الاسائة الى جهة ما، سيتم حدفه بالفور!.
الاكاديمية الايزيدية

About

صفحة جديدة 1

مواضيع الاكاديمية