You Are Here: Home» » حقوق المرأة..والدستور الدائم الجديد

مع اقتراب موعد انتهاء أعمال اللجنة الدستورية المكلفة بصياغة الدستور الدائم بدأت تتعالى أصوات النساء ومنظماتهن المختلفة وبمختلف اتجاهاتها السياسية والدينية والقومية للمطالبة بضمان حقوقهن الدستورية وإحقاق حقوقهن المشروعة ورفع الحيف والغبن الذي طالما عانت المرأة ولا تزال تعاني منه .وبعيدا عن المصادر الدينية المتشددة الأحكام إلى درجة الجمود وما ترتب عليه من أعراف وتقاليد وصلت إلى حد التطرف وجاوزت المنطق لتنتهي إلى تفاسير هي في غير صالح المرأة التي هي نواة الأسرة والنصف الأهم في المجتمع .وتأتي هذه الأصوات ردا ًعلى الدعوات التي تدعو بالعودة إلى المراجع الدينية خاصة ما يتعلق منها بمسائل الأحوال الشخصية وتنظيم حقوق الأسرة والمرأة .
إن الدعوة باعتماد المصادر التشريعية الدينية إنما هي دعوة حق يراد بها باطل ولا اقصد هنا الطعن بالأديان لا سمح الله إنما المقصود أن ندع الأمور الدينية التي تنظم علاقة الإنسان الروحية بخالقه بعيدا عن تدخل الدولة وان نترك ما لله لله وما لقيصر لقيصر بعيدا عن التشريعات والقوانين والحقوق المدنية لان التشريعات الدينية على اختلافها من شريعة إسلامية أو مسيحية اويزيدية اوصابئية أو أية شريعة دينية أخرى تصادر حقوق المرأة وتضيق من انطلاقتها الطبيعية وإنها تعتبرها دون الرجل مكانة وكفاءة وان دورها لا يتعدى حدود خدمة المنزل والإنجاب وبالتالي استمرار انتهاك حقوقها المدنية التي هي جزء من حقوق الإنسان . باعتبار أن الأديان هي شاملة لكل الحالات وتحوي بالتالي نصوصا ثابتة وجامدة لذلك فهي قاصرة ومعطيات العصر المتغير والمتجدد باستمرار وان الحالات والمستجدات هي في تطور مستمر وهي أوسع من تحدها مبادئ وقرارات ونصوص وضعت في زمن مضى وان كانت صالحة بمقاييس الزمن الذي جاءت فيه إلا إنها تبقى قاصرة عن معالجة القضايا والمشاكل المعاصرة والتي لم تكن معروفة آنذاك لان الزمن يسير بتقدم إلى الأمام ولا يمكن أن يرجع إلى الوراء .هذا عدا إن اعتماد أحد المراجع الدينية دون غيرها في التشريعات الوضعية قد يؤدي إلى الشعور بالتفرقة والتمييز وما في ذلك من تهديد للوحدة الوطنية , كما انه قد يعطي المجال واسعا للاجتهادات الناتجة عن الفهم الخاطئ للمسائل الدينية في إثبات الحقوق والالتزامات كما هو الحال في قانون الأحوال الشخصية النافذ الذي اعتمد الشريعة الإسلامية والمذهب الحنفي أساسا لتنظيم قضايا الأسرة والعائلة العراقية على اختلاف انتماءاتها وما احتوى من مبادئ مجحفة بحق المرأة .منها:
1.أنها جعلت الشهادة التي تثبت الحقوق لامرأتين معادلة لشهادة رجل واحد ,ولاتقبل شهادة المرأة في الحدود والقصاص.
2. للذكر مثل حظ الانثيين في قضايا الميراث.
3.دية المرأة التي تقتل خطأ هي نصف دية الرجل الذي يقتل خطأ.
4.للرجل حق القوامة على المرأة.
5.حق الرجل في تأديب زوجته بالضرب !.
هذه المبادئ ما عادت ملائمة والعصر الحالي ولا تنسجم مع مبادئ حقوق الإنسان والدولة الديمقراطية خاصة المبدأ الخاص بحق الرجل في تأديب زوجته بالضرب لان الضرب ما عادت وسيلة مقبولة لضرب الحيوانات فما بالك بالزوجة والمربية!. وبعد أن دخلت المرأة كافة ميادين العمل واثبتت جدارتها وكفاءتها وقوة شخصيتها فكيف يمكن إهانتها بالضرب وبموجب القانون ؟. لا بل أن الضرب والشتم للزوجة لا يبيح لها حق طلب التفريق عن زوجها لأنهما ليسا من الأضرار الجسيمة التي تبرر ذلك !.ولو القينا نظرة على قانون العقوبات فسنلاحظ مدى تفاوت الحماية القانونية بين الرجل والمرأة في باب الجرائم التي تمس الأسرة والتي تساهلت فيها كثيرا مع الرجل في المادة 375 .و أعطت العذر القانوني المخفف للرجل الذي يقتل زوجته أو إحدى محارمه في جرائم الشرف في المادة 409حتى اصبح القتل مباحا بمجرد الاشتباه في السلوك ولو انعدم الدليل ,وهذه دعوة لتحديد معنى الشرف الموجب للقتل كي لا يجري المطلق على إطلاقه .هذا بعض غيض من فيض للمواد القانونية التي تهين من كرامة المرأة والتي يجب إعادة النظر فيها ودراستها للمرحلة المقبلة .
ولو نظرنا إلى دساتير وقوانين الدول العربية نرى أنها تتباين في مواقفها تجاه قضايا المرأة وحقوقها الشرعية ففي حين لا تزال تعاني المرأة كثيرا من مصادرة حقوقها والتضييق على حريتها كالسعودية وبعض دول الخليج ,نرى بالمقابل دولا كاليمن وتونس ومصر وسوريا ولبنان قد أنصفت المرأة حضاريا مجاراةً لما نالته من حقوق على الصعيد العالمي وبحسب ما ورد في المعاهدات والمواثيق الدولية ومبادئ حقوق الإنسان, وهذا الاختلاف ناتجا عن اختلاف المنطلق في فهم الشريعة والتراث الديني بحسب نوع الأنظمة الحاكمة .لذلك وضمانا لحقوق المرأة وحفظا لكرامتها في مجتمع عصري ينبغي سن القوانين والتشريعات الخاصة بالمرأة من حيث مساواتها بالرجل في الفرص والكفاءات وبما يفرضه منطق العصر ومستلزماته ووسائله المتطورة ومراعاة الحالات المستجدة بما يحقق العدالة والمصلحة العامة واعتماد الاتفاقات والمعاهدات الدولية كميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 وما التزمت به الدول الأعضاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 وكافة الاتفاقات العالمية الخاصة بمنع كافة أشكال التمييز والعنف والاضطهاد وخاصة اعتماد اتفاقية (السيداو) الخاص بمنح الحقوق السياسة والثقافية والاجتماعية للمرأة, ومنحها حق المساواة في الفرص و الكرامة وحق المشاركة في الحياة السياسية وصنع القرار في واقع الحياة اليومية والقضاء على آفات المجتمع الخطيرة الفقر والجهل والأمية الذي اغلب ضحاياه هم من النساء ,وإعادة النظر في التشريعات الأسرية ومنحها حق طلب الطلاق عن زوجها بنفس السهولة التي تعطى فيها للرجل دون تكليفها بإثباتات وإجراءات معقدة وضمان حقوقها الشرعية وإصدار تشريعات اقتصادية تحرر المرأة من تبعيتها المالية من الرجل بتوفير فرص عمل ملائمة وتحسين وضعها المعاشي وصرف معونات شهرية للأرامل والمطلقات والعاجزات عن العمل والمسنات لتوفير حياة كريمة لهن بعيدا عن الاستجداء والإذلال وإصدار قوانين للتعليم الإلزامي للفتيات ومكافحة الأمية وعدم إجبار الأهل للفتيات بترك الدراسة وتزويجهن مبكرا بحجة ضمان مستقبلهن ,وينبغي تنمية الوعي القانوني للمرأة واطلاعها على حقوقها وعدم التهاون فيه لأي سبب كان وان لا تخشى في الحق لومة لائم ومواجهة المتزمتين الذين هم متواجدين في كل زمان ومكان وهذا أمر طبيعي وان يكون لها دور رئيسي وفعال في الحياة العامة وان يكون لها الحق في تولي المناصب والمراكز العليا ما دامت تمتلك الكفاءة والإمكانيات والتخصص دون أي تمييز بسبب الجنس أو المعتقد ولابد من اكتساب الوعي اللازم والثقافة الملائمة والخبرة المناسبة للتحرر من القيود البالية وإزالة كل ما يعرقل تطورها وتقدمها في ظل نظام دولة القانون وكي ننهض بواقعنا لان تأخرنا الحضاري يعكس آثاره على المجتمع في الفكر وفي ديمومة بعض المظاهر السلبية والقيم الإقطاعية .
وان يقر المجتمع ويتفهم لدور المرأة وتغيير الصورة النمطية للمرأة التقليدية وتخفيف القيود الاجتماعية المقيدة لآدميتها وعدم انتهاك حقوقها التي هي من ضمن مبادئ حقوق الإنسان وكل ذلك لن يتحقق إلا باعتماد العلمانية وفصل الدين عن التشريعات والقوانين وفق قاعدة سريان الأحكام على العراقيين كافة 



عالية بايزيد اسماعيل بك
Tags:

0 التعليقات

Leave a Reply

سيتم قراءة تعليقك من قبل هيئة التحرير وفي حال الاسائة الى جهة ما، سيتم حدفه بالفور!.
الاكاديمية الايزيدية

About

صفحة جديدة 1

مواضيع الاكاديمية