You Are Here: Home» » لماذا لا تتوحد الجهود للمطالبة بتحقيق دولي حول جينوسايد الايزيدية؟‎






  لابد في البداية من توضيح بسيط حول محاكم الأمم المتحدة وهيئاتها القضائية(*) وذلك لفائدة القاريء العزيز لكي يكون على دراية بامكانيات وطريقة تقديم العون أو المساعدة في الادلاء بما يمتلكه/تمتلكه من معلومات حول جريمة معينة.
  قامت الأمم المتحدة في نهاية القرن الماضي بخطوات فعلية لمكافحة الإفلات من عقوبة القيام بانتهاكات خطيرة لحقوق الانسان وذلك من خلال تاسيس محكمتين دوليتين مهمتهما مقاضاة المسئولين عن مثل هذه الانتهاكات. وهاتات المحكمتان هما المحكمة الدولية لمقاضاة الاشخاص المسئولين عن انتهاكات خطيرة للقانون الانساني الدولي على أراضي يوغوسلافيا السابقة (المعروفة أيضاً ICTY)؛ والمحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة المسئولين عن الإبادة الجماعية وغيرها من الانتهاكات الخطيرة للقانون الانساني  الدولي في مقاطعة رواندا (المعروفة أيضاً بأسم محكمة أورشا).
  على اساس هاتين المحكمتين، تم تطوير النظام الاساسي للمحكة الجنائية الدولية تحت رعاية الجمعية العمومية للأمم المتحدة وتمت الموافقة عليه في تموز 1988. وللمحكمة الجنائية الدولية سلطان قضائي على الجرائم التالية في حال تم ارتكابها بعد دخول النظام الاساسي حيز التنفيذ: 1. الإبادة الجماعية، 2. الجرائم ضد الانسانية، 3. جرائم الحرب، و4. العدوان. ويمكن للمحكمة أن تمارس سلطانها القضائي فيما يتعلق باي من الأفعال المذكورة أعلاه في حال تم إبلاغ المدعي العام عن أرتكاب واحدة أو أكثر من هذه الجرائم من قبل دول طرف أو من قبل مجلس الأمن لدى الأمم المتحدة، أو في حال بدأ المدعي العام تحقيقاً حول هذه الجرائم. ولقد دخلت المحكمة الجنائية الدولية حيز التنفيذ في 11 نيسان 2004.
  الإبادة الجماعية تعني ارتكاب اي من الاعمال الآتية بنية الإبادة، الكلية أو الجزئية، لجماعة ما على اساس القومية أو العرق أو الجنس أو الدين، مثل: 1. قتل أعضاء الجماعة، 2. إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي الخطير بأعضاء الجماعة، 3. إلحاق الاضرار بالاوضاع المعيشية للجماعة بشكل متعمد بهدف التمييز الفعلي للجماعة بشكل كلي أو جزئي، 4. فرض إجراءات تهدف إلى منع المواليد داخل الجماعة، 5. نقل الأطفال بالاكراه من جماعة إلى أخرى.
  إن قانون حقوق الانسان ليس أداة نظرية للمحامين والقضاة، وإنما هو فرصة لجميع المعنيين بحقوق الانسان للدفاع عن تطبيق هذه الحقوق محلياً ودولياً. ويكفي القول هنا أن الجوهر في أن تكون المنظمة غير الحكومية عاملة في مجال حقوق الانسان هو أساس العمل حول الالتزامات الدولية المعنية. لذلك فإنه لابد على المنظمات غير الحكومية أن تكون على علم بمادة القانون الدولي لحقوق الانسان واجراءاته كي تتمكن من جمع وتحليل وتقديم المعلومات ذات الصلة بشكل فعّال يمّكن من تحقيق تغيير في وضع حقوق الانسان. ويشمل هذا العمل المجالات التالية.
1.   مراقبة وتقديم التقارير (إلى الحكومة ووإلى المجتمع وإلى المجتمع الدولي...إلخ) حول حالة الامتثال بالتزامات المعاهدة وقانون العرف الدولي.
2.   مراقبة وتقديم التقارير حول امتثال الدولة بتوصيات هيئات المعاهدة وغيرها من الاجراءات الخاصة مثل مقرري اللجان الخاصة والممثلين الخاصين...إلخ.
3.      تعزيز المصادقة على على المعاهدات الاخرى، الامر الذي سيزيد حماية حقوق الانسان.
4.   مراقبة وتقديم التقارير حول انتهاكات حقوق الانسان الحاصلة ضمن البلد مع الاخذ بعين الاعتبار إقامة الدعاوي لدى المحاكم الدولية أو طلب فحص القضايا لدى مختلف الاليات الدولية لتلقي الشكاوى حول حقوق الانسان.  
هذه هي بعض المعلومات البسيطة عن آلية التعامل مع الجهات الدولية التي من خلالها يمكن المطالبة بتحقيق دولي في الجرائم التي حصلت بحق المجتمع الايزيدي لكون جميع الخطوات التي تتبنى موضوع الابادة الجماعية تنطبق على الواقع الايزيدي في جميع البلدان التي سكنتها وخاصة العراق وتركيا. وبهذه المناسبة، وبما أننا في الاكاديمية الايزيدية نقوم بجمع الادلة والبيانات والمصادر والوثائق الرسمية والشهادات الشخصية التي تعزز من مصداقية تلك البيانات، لذا نهيب بالاخوة والاخوات والاصدقاء ممن تتوفر لديهم ما يفيد ويعزز هذا المطلب أن لا يبخل علينا في إرسال مالديهم من البيانات، وأن الاكاديمية ستحتفظ باسماء الاشخاص المتصلين بشكل سري حفاظاً على أمنهم الشخصي. إن السبب الرئيس الذي دفعنا في أن نعلن عن هذا الاجراء هو مجموعة الكتابات التي نشرتها المواقع الالكترونية الايزيدية وخاصة بعد إحياء الذكرى الخامسة لمجزرة تل عزير وسيباية شيخ خدر في سنجار في 14/8/2007. 
في الفترة الأخيرة برزت، كما هي العادة، بعض الأقلام التي عبّرت عن حالة اليأس والاستياء في الوسط الايزيدي لما مر به من غبن على مر التاريخ. ومن بين تلك الاقلام ما تمت الإشار اليها من قبل السادة سالم كافان وفهمي حسن وقيدار نمر جندي وإسماعيل جعفر وطلال الهسكاني ومسعود حسن في تعليقه على مقال السيد سنان أيو وغيرهم الكثيرين. وفي تصورنا فإن الموضوع بدء ينضجً ليخرج إلى النور ويشق الشرنقة التي نُسِجت حوله لقرون من الزمن نتيجةً لليأس الذي بدأ يؤنب قسطاً كبيراً من ضمير الانسان الإيزيدي الواعي لأنه لم يعد يتحمل الظلم أكثر وخاصة فيما يتعلق بجينوسايد سنجار عام 2007. فالسادة المسئولين أو السياسيين الخاملين أو المثقفين من المستفيدين مادياً كشفوا ما في جعبتهم ولم يعد يرجى منهم أكثر. إلا أن الفعل الحقيقي يعمل في الجانب الآخر وبشكل دقيق في بناء الشخصية الايزيدية من خلال العمل الجدّي وهو الاخر قد دخل حيزاً متقدماً في تفعيل الاراء وجمع الوثائق والاتصال ببعض الجهات القانونية والدولية. أما الجانب الاساسي الذي يجب العمل عليه فهو إعادة الثقة إلى المواطن الايزيدي البسيط لكي يعرف بأن الموقف سيسجل لصالحه في النهاية، وأن هنالك جنوداً مجهولين يحققون كل يوم مايضيف إلى ساحة مستحقاتهم، كما أن تحقيقاً دولياً سيتحقق في شأن الايزيديين مهما طال الزمن لأنه هنالك جهوداً حثيثة ومستمرة في هذا الاتجاه.
  إن الأمثال، كما يقال تضرب ولا تقاس، ولا ضير من إثارة بعض تلك الامثال التي قد تٌذكر البعض النائم الذي لا يحس بما يحصل حواليه وما لها من تأثيرات على الواقع الايزيدي اليومي والاستراتيجي. ونرجو أن لا يتسرع  الطبّالين ويوشوشون في آذان أسيادهم كعادتهم  في النقل غير الامين والتفسير على أساس النيات. فعندما سئل هتلر عن رأيه بأحقر الناس الذين قابلهم في حياته، قال؛ إن أحقر مَن قابلتهم من الناس في حياتي هم الذين ساعدوني على أحتلال بلدانهم. وهنا لا نقصد بكلمة الاحتلال بشكلها الفني ولكننا نقصد عندما يضع المسئولون عن الرعية مستقبل رعاياهم بيد الاخرين بدون ضمانات مؤكدة ومكتوبة ومضمونة النتائج سلفاً، فإنهم لا يختلفون في وصفهم عن أولئك الذين سماهم بها هتلر.
  ولكن عندما سئل تشرشل عن رايه في الشعوب، قال: عندما يموت الانكليز تموت السياسة، وعندما تموت روسيا يموت السلام، وعندما تموت أمريكا يموت الغنى، وعندما يموت الطليان تموت الاديان، وعندما تموت فرنسا يموت الذوق، وعندما يموت الالمان تموت القوة، وعندما يموت العرب ............ . الأهم بالنسبة لنا في هذه العبارات العظيمة هو الفقرة الاخيرة لكوننا نعيش في/ أوضمن ذات الواقع والمحيط الذي قصده تشرشل ووصفهم بها. ولا نستبعد بأن بعضاً من شخصياتنا من هذا الصنف الذي شرب من هذا الكأس. كما لا نقصد هنا بالمعنى الفني للعبارة بقدر ما نعني بعدم تقييم المسئولين الايزيديين للمواقف وتسليمهم مفاتيح حياة الناس بيد الاخرين بدون ضمانات وعدم أستيعاب الماضي الاسود الذي عاشه الايزيديون وهم يمتلكون اليوم الكثير من الاوراق الذهبية لابرازها بوجه الاخرين باستحقاق (1). ولا بأس أيضاً بأن نعرج على قول في غاية الخطورة للسيد محسن السعدون، النائب عن التحالف الكردستاني عندما يصف حال الايزيدية بأن جميعهم معرضين للقتل والخطف (2)، وهو كلام لمسئول سياسي وبرلماني ويفترض بأن هذا الكلام يعبر عن معلومات دقيقة تخص الواقع الايزيدي بالدرجة الاساس، وإلا كيف يعرف السيد النائب بأن جميع الإيزيديين معرضين للقتل والخطف؟ وماذا يقصد بهذا التصريح؟ 
  من جانب آخر فإن ما أدلى به السيد محمد إحسان في معرض حديثه في مهرجان لالش الثقافي في الفترة مابين 30 و31/آب 2012 بأن عدم تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي يعني انهيار دولة اسمها العراق وسيجلب الكارثة لها(3). ويستشف من هذا التصريح بأن الحرب بين الجانبين قادمة، لابل قائمة، وأنها باتت على الابواب فيما إذا لم تطبق تلك المادة على حسب ما تريده الكرد، وبالتأكيد سيكون للجانب الثاني كلام مغاير. ولكن فيما يخص الوضع بالنسبة للإيزيديين، فإن إطلاق هذه التصريحات في مناسبات ونشاطات محسوبة عليهم ستضعهم، بنظر الاخرين، في خانة المناصرين لتلك التصريحات وبالتالي فهم الذين سيشكلون الدروع البشرية في المناطق المتنازع لمحافظة نينوى، وإن جينوسايداً جديداً في انتظار الايزيديين قبل إيجاد الحلول للجينوسايدات القديمة.
 ونؤكد هنا بأن المجتمع الايزيدي مجتمع مسالم ينشد الامن والامان والسلم والسلام، ولا يتمنى للمنطقة المزيد من الحروب والازمات بقدر ما يتمنى الاستقرار والانتعاش الاقتصادي والعيش المشترك لجميع المكونات الاجتماعية بوئام ومحبة. 


(*): البرنامج العالمي لشبكة حقوق الانسان.

الاكاديمية الايزيدية في هانوفر
المانيا في 11/9/2012

Tags:

About

صفحة جديدة 1

مواضيع الاكاديمية