You Are Here: Home» » معاناة الايزيدية مرة أخرى


بأسم مثقفي ومنظمات المجتمع المدني الإيزيدي نتقدم إلى القيادة الحالية في العراق بالتهاني ، مباركين دورها الصعب في نقل المجتمع إلى حال أفضل واستقرار أكثر ، وننظر إليها بعين الارتياح لما تتمتع به من كفاءات ، آملين أن تكون بمستوى نظرتنا إليها .
تعتبر الإيزيديه ثالث أكبر ديانة في العراق بعد الإسلام والمسيحية ، وشعبها يعتبر من اصلاء الشعب العراقي ، ومن الأقوام الأولى التي سكنت وادي الرافدين ، حيث ولدوا فيه وتربوا وترعرعوا في كنفه وتعلموا منه فنون الحياة ، وشاركوا أهله السراء والضراء وقدموا تضحيات غالية دفاعاً عنه على مر التاريخ ، وبذلك يفترض إنهم ساهموا في بناء حضارته . وبسبب أحداث التاريخ ونزوة بعض الحكام التي ارتبطت بفتاوى دينية لإغراض سياسية ، وقع على الإيزيديين عبء كبير بسبب الإضطهادين الديني والقومي مما نتج عنه تقييد دوره الإنساني والسياسي والاجتماعي في المساهمة الإيجابية . وعلى الرغم من مرور عام ونصف تقريباً على احتلال العراق وتغيير النظام فيه لم نلمس ، مع الأسف ، ما كنا نتأمله من الأحزاب والحركات السياسية والسلطات التي تعاقبت على السلطة في هذه الفترة الحرجة والتي كانت المحك الكبير لأي اختبار حقيقي ، ولقد بدا لنا وكأنه هم الذين حرروا العراق وغيرهم غير معني بشؤونه ومستقبله ولم يعانوا من الظلم والقسوة والاضطهاد . وكانت الحجة في ذلك ، أن ظرف الاحتلال وخلط الأوراق قد أعاق هذا العمل الذي أنساهم بعض أهم شرائح المجتمع العراقي آنذاك في أن يشاركوا في عملية البناء الجديدة وتهميش دورهم الحيوي بما في ذلك دور المثقفين وخاصة المستقلين منهم سوى ما هو منظم في تنظيم سياسي . وكون أن المجتمع الايزيدي يشكل نسبة قد تصل إلى3 % من عموم الشعب العراقي ، وله خصوصية دينية ، فإن مستوى مشاركته في التمثيل الحكومي والدبلوماسي والإداري لم يكن بأدنى مستوى لا من حيث نسبته السكانية ولا من حيث الحق العام . مما جعل من الفرد الإيزيدي أن يعيد النظر في حساباته المستقبلية على ضوء ما أفرزته الأحداث وما لحقه من تهميش وتذويب . عليه ، فإنه ينبغي على القيادة الجديدة الآن استيعاب وفهم طبيعة مشكلة الايزيديين من حيث الديانة والقومية ، حيث هناك متسع من الوقت يمكن الاستفادة منه وعليها أن لا تجعل من الفترة الماضية مشكلة لا يمكن حلها وكأن كل شيء قد أنتهي ولا يمكن معالجته . بل عليها أن تنظر إليه بنظرة موضوعية مستوحاة من عمق وأصالة العراق بشعبه وتاريخه وإنقاذ هذا الشعب الذي ابتلى بالسياسات المتطرفة تجاه القوميات والأديان والمذاهب المتآلفة وإنهاء عقدة الاقليات . كما نرجوا أن لا ينظر إلى المجتمع الايزيدي الآن كما في أيام ستينات القرن الماضي الذي كان حال عموم الشعب العراقي ، حيث أن هناك آلاف الخريجين من مختلف الاختصاصات والشهادات الجامعية العليا ينتظرون أداء دورهم الطليعي في الرأي والتحليل والاستنتاج والمشاركة في بناء وطنهم ومجتمعهم ولهم كل الحق في ذلك لكي يعتز بهم وطنهم ، ويشعرون هم بذلك أيضا والاهم من كل هذا هو أن يتحرروا من الاستبعاد والتهميش ويشعرون بوطنيتهم وانتمائهم الأصيل إليه ، لذا نرى بأن هذا التجاهل سوف يفتح على الحكومة الحالية باب واسع من الصعوبة إهماله أو تخطيه .
لقد تابعنا باهتمام كبير المقابر الجماعية التي عثرت عليها الجهات الرسمية والشعبية ، وعلى الرغم من وجود عدد من الإيزيديين بين هؤلاء الضحايا ، (حيث نشك في مصداقية الحديث عن قسم منها ) ، إلا أن قتل مئات الآلاف من البشر وتجريدهم من حقوقهم المدنية وهم أحياء في عصر يدعي القائمين عليه بالديمقراطية والتعددية والتسامح ، فيعتبر أكثر بشاعة من تلك المقابر ، لأن الحالة الجديدة سوف يفرز عنها حرمان قوم كامل من كافة حقوقه المدنية والدينية رغم خصوصيته . وبذلك نرفع صوتنا عالياً من خلال رابطة المثقفين الإيزيديين ، يساندهم في ذلك غالبية المجتمع الإيزيدي إلى القيادة الحالية والقريبة جداً من تلك المعاناة وتتفهمها قبل غيرها بحكم علاقة الجيرة والتداخل والتحالف العشائري ، أن تضع حقوقنا في الاعتبار ولا تنسى خصوصيتنا من عملية التغيير والتطور للشعب العراقي الجديد . ولكن إذا ما تجاهلونا فإننا وبكل أسف سوف ندرس وبعمق تحديد موقفنا من الانتخابات التي سوف يتم على ضوئها اختيار الحكومة الدستورية المقبلة في العراق .
فمن مطالعاتنا لتقرير السيد سيرجيو فييرا دي مليو ، الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة السيد كوفي أنان في بغداد ( 8/2003/715 في 17/تموز/ 2003 ، عملاً بالفقرة 24 من قرار مجلس الأمن 1483 /2003 ) ، نرى بأن سجل حقوق الإنسان لا يتحدد فقط بالدفاع عن المعتقلين أو المكفوفين أو الجياع . ولكن الجهود الكبيرة يجب أن تنصب على الحقوق المدنية للشعوب لكي لا تحصل الحالات التي نحن بصدد الحديث عنها . ولقد ورد في الفقرة 16 من ثالثاً من نفس التقرير / عملية التحول السياسي ما نصه : وقد خلّفت عقود القمع التي شهدها العراق حالة من الفراغ الديمقراطي ، وهو ما يستوجب إقامة مؤسسات شرعية . بل لابد من إعادة ابتكار حياة سياسية تقوم على التعددية في العراق ، وثمة ضرورة ملحة لأن تتوحد العناصر العرقية والطائفية والمحلية في جماعة سياسية واحدة تحترم التنوع الهائل للشعب العراقي ، وتقبل أفكار جديدة تساعد الأفراد على تحدي الأفكار القديمة " . وعندما كانت المحافظات الشمالية تتمتع بوضع خاص أثناء الفترة من 1991 ولغاية دخول قوات الاحتلال ، كانت مناطق سكنى الإيزيدية ( سنجار وشيخان وتلكيف وبعشيقة ) ، تعاني نفس معاناة الشعب العراقي تحت ظرف الحصار وقسوة النظام ، وبدلاً من أن تتذكر الأحزاب الكردستانية تلك المعاناة وما سبقتها من تهجير وحرمان ، بسبب القضية الكردية ، دخلت بقواتها المسلحة إلى تلك المناطق وكأنها تريد هي الأخرى بالانتقام لتكمل معاناة الإيزيدية لكي لا يصحوا من مأساتهم الأبدية ثم تستفيد من أعدادهم في التمثيل في مجلس الحكم والوزارات الجديدة والسلك الدبلوماسي لصالح أحزابهم وعلى حسابنا ، يساندهم في ذلك الأمراء ورجال الدين وبعض وجهاء العشائر الذين كانوا مستفيدين ايام النظام السابق وكأنهم دخلوا في صفقة تجارية جديدة بملايين الدنانير مقابل التلاعب بمصير الناس في هذا الوقت أيضا .
لقد قسمت الحكومة الحالية شعب العراق إلى قوميات وأديان ومذاهب بطريقتها الخاصة إلى العرب السنة والشيعة والأكراد السنة والشيعة والتركمان السنة والشيعة والكلدوآشوريين . وبهذا الإجراء ( الوطني الفريد والاختراع الذي أنتظره العراقيين عقوداً من الزمن ) ، تم تقسيم المسلمين فقط إلى ستة أقسام موزعة على القومية والدين والمذهب وكل أخذ استحقاقه من الجهتين كالمنشار وفي نفس الوقت توجه التهم إلى النظام السابق بخلق التفرقة الطائفية ، ولكن هل لكم أن تنكروا وجودنا وقبور شهداءنا وأيتامهم وأراملهم شهود عليكم ؟ وإذا كان الجواب بالنفي فما هي عائديتنا من هذه التشكيلة ؟. لقد بدأنا نشك في إخلاصكم للدولة العراقية ، لأنكم كرّستم الطائفية بطريقة فنية ما كنا نتمناها ، حيث أن شعب العراق ليس فقط متكون من المسلمين ، بل من المسيحيين والصابئة والإيزيدية والكاكائية كديانات والشبك كقومية . فمن المسؤول عن حقوقنا ؟ ومن يضمن لنا تلك الحقوق إذا ما غاب وجودنا عن وضع الدستور العراقي الجديد مثلاً تحت مثل هذه الظروف؟.
لقد طالبنا بوضوح بتمثيلنا في الوزارات والهيئات الدبلوماسية والمديريات العامة والبعثات والزمالات الدراسية وفرص العمل المختلفة التي سوف تتاح للشعب العراقي ، كما قدمنا عشرات المذكرات والمراسلات إلى جميع الجهات المعنية ، وقابلنا شخصيات مهمة ورؤساء أحزاب وكانت النتيجة الإهمال المتعمد لطموحاتنا . ويبدو أن الذي لم يتح له فرصة لتنظيم ( حزب ) سياسي سوف لن تكون له مكانة في العراق الجديد رغم ما تحمل من المعاناة والأعباء . وبهذه المناسبة ، نطالب بوضوح إنهاء الوصايا علينا على الأساس القومي لأن الاختيار في هذا يعود للمجتمع المعني وليس لأحد أن يختار لنا قوالب يضعنا فيها كيفما يشاء ، لأن كل ديانة ممكن أن تتضمن عدة قوميات أو بالعكس ، وكذلك نطالب الاخوة الشيعة في العراق والعالم بإنهاء الحساسية تجاهنا ، لأننا مواطنون أصلاء في هذا البلد ولنا حقوقنا العرقية والعراقية ، ولن نقبل إلا وأن تتحقق تلك الحقوق أسوة بأعلى درجة من المواطنة العراقية الرفيعة وتتناسب مع حجم تضحياتنا .
فالذي يستمع إلى القيادات الكردية عند الحديث عن الإيزيدية والشبك وباقي الأقليات العرقية ، خاصة في محافظة نينوى يبدوا وكأنهم يتعاملون مع مجموعة من الأيتام وعلى هؤلاء الايتام أن يستمعوا فقط إلى ما يصدر من هذه الأحزاب وهضمه بدون اجترار أو إبداء رأي . ولقد قابلنا بعضهم والبعض الآخر رفض حتى الاستماع إلى رأينا ، فهل يعقل أو من الحكمة أن نقبل بجهة سياسية تمثلنا ( رغماً عنا ) ، وترفض ولو الاستماع إلى وجهة نظرنا ؟. ولقد نقلنا إليهم الصورة حية وبدون رتوش وقلنا لهم بوضوح ، إننا مثقفوا الايزيدية غير راضين على سيرتكم وأسلوب معالجتكم لوضعنا ، ولا نقبل أن تكونوا بدلاء عنا في معالجة مأساتنا . من الممكن أن نكون شركاء في العملية إذا كانت النيات سليمة والمصالح مشتركة ، ولكن أن نكون الضحية بدون منافع ، فهذا ما لا يمكن قبوله أبداً . وإذا كنا أكراد فعلاً فإننا نطالب وبقوة بنسبة 17% على الأقل من جميع الفرص والتشكيلات الإدارية والوزارية لحصة الأكراد في الدولة ، ونطالب كذلك بعقد مؤتمر رسمي من مثقفي وعشائر الايزيدية والقيادات الكردية وبإشراف الأمم المتحدة وقوات التحالف والحكومة الحالية لإنهاء هذا التداخل الديني – القومي . أما أن يقال بأن الأحزاب الإسلامية وخاصة الشيعية منها ترفض أي ذكر للإيزيديين في أجهزة الدولة ، فإننا نطالب أيضاً بإجراء حوار مباشر وبنّاء مع هذه الجهات ومرجعياتها لنقف منها على حقيقة الأمر ، لأن القيادات الكردية تضعنا دوماً أمام هذا الواقع . فإذا كنا لحد الآن لم نكتسب الدرجة القطعية في عراقيتنا إلا بالواجبات ، فإننا نرى بأنه قد حان الوقت الآن للتفكير بها ، وإلا فلا فرق بين هذا وذاك .
وبهذه المناسبة ، نهيب بالسادة المسؤولين في الحكومة الحالية وفي مقدمتهم الشيخ غازي الياور ، بإعادة النظر في أمر هذه الشريحة المخلصة والمنتجة والحريصة على أمن ومستقبل وسلامة العراق ، . حيث عانى المواطن العراقي على مر عقود من الزمن المأساة ، وكفانا معاناة ودم وثكالى وأيتام ونبش في القمامة والتسول والهجرة والتخلف والتمزق العرقي والطائفي والقومي ، وكأن الجميع يريد الانتقام وليس البناء والتنمية . فما يبنى على هذا ما هو إلا مزيد من التدمير وضياع الحقيقة بين صور وأنقاض الخراب والدمار الذي أحدثه زلزال الاحتلال بحق بلدنا العظيم بشعبه وتاريخه وتراثه الحضاري . ثم لنقول ونوجه الكلام إلى قيادة الدولة ، من أعطى الصلاحية للأحزاب بهذه الكيفية لكي تتصرف بمليارات الدنانير من ميزانية الشعب العراقي على دعاياتها الحزبية وشراء الذمم بها ؟ ثم هل لنا أن نغض الطرف عن ما تقوم به بعض الأحزاب لكي تقع في أخطاء ومن ثم نلومها على ذلك ؟ أليس من الأجدر أن ننتقد قبل وقوع الخطأ ؟ ثم هل أصبح النقد ممنوع في عصر الحرية؟.
ولكي نضع الأمور في إطارها السليم بجدية ووضوح أكثر ، عندما قابلنا شخصيات أجنبية أمريكية وبريطانية بشكل خاص توضح لنا أمران وهما : أولاً ، إن الإيزيديين هم أكراد فقط وأن المجتمع الخارجي لا يفهم الإيزيدي إلا على هذا الأساس والمفهوم ، وبعد أن تيقنا من رسوخ تلك الفكرة في أذهانهم ، بدأنا بالبحث في الإنترنت للاطلاع على حقيقة هذا الأمر ، فوجدنا بأنهم على حق في ذلك ، حيث هناك شبكات إعلامية كردية تنشر وتغطي على كل ذكر للايزيدية يعاونهم في ذلك البعض من الكتّاب الإيزيديين ، إلاً ويسبقها كلمة ( الكرد ) . وبذلك أصبح مع الزمن والانتشار من الفعل الحقيقي ولا يقبل الانفصال حتى أصبح الإيزيديين أنفسهم يقبلون بها كواقع ، مستغلين الظرف الذي مر به العراق وواقع المجتمع الإيزيدي المتخلف سياسياً واقتصادياً. عليه ، نرى بأنه يقع على عاتق الدولة العراقية الديمقراطية بنظامها الجديد أن تتفهم هذه المعاناة وتعمل على تجاوزها وأن نقرر نحن مصيرنا بدون هيمنة . أما الأمر الثاني والأكثر أهميةً وغرابة فهو : إن تعداد الإيزيدية في العراق هو فقط ( 60,000 ) ستون ألف نسمة ، وأينما ذهبنا وسألنا كان يقف هذا الرقم شاخصاً أمامنا . وعندما حاولنا يائساً تصحيح الموقف لمساعد السفير البريطاني يوم 16/5/2004 في بغداد بخصوص هذا الرقم ( صاح ) بوجهنا وقال يا أخي : صححوا هذا الرقم للجهات الرسمية ؟ لأنها هذه هي حقيقة نفوسكم لدى الحكومة البريطانية وقالوا بنفس النتيجة الذين قابلوا الأخضر الإبراهيمي وغيرهم من المسؤولين الأجانب ، فمن المسؤول يا ترى عن هذا الخطأ ؟ ومن يتحمّل نتيجته ؟. وعندما تيقنا من الخبر بهذا الحجم ، زرنا مواقع الإنترنت فوجدنا نفس الرقم ، ( قد يكون هذا صحيحاً لأيزيدية دهوك قبل الاحتلال ) ، وقد تمسك بها أخوتنا وحافظي حقوقنا في القومية ، ثم حاولوا الإبقاء على هذا الرقم المشؤوم أمام المسؤولين الأجانب . ولكن نسأل الشيخ غازي الياور عن صحة هذا الأمر ونترك ذلك أمانة في رقبته إلى يوم الدين وهو يقف على رأس المسؤولية في الدولة ، ولينقل حقيقة هذا الأمر إلى الملأ كونه أقرب المسؤولين إلى الإيزيدية وعدد نفوسها ، ونقبل بحقوقنا على أساس عدد الإيزيديين الذين يعملون في مزارع ربيعه ( مسقط رأسه ) فقط بعدما حلت بنا الكارثة بسبب المناداة بالقومية الكردية في أيام السبعينات من القرن الماضي . وقد نسي البعض أن الحقائق غابت عن عامة الشعب العراقي طيلة العقود الثلاثة الماضية ، ثم ظهرت لتعلن عن نفسها بدون تجميل . فهل لهم أن ينكروا تواجد الإيزيدية في كل من ( سنجار والشيخان وتلكيف وبعشيقة ) ؟ وإذا كان الأمر بهذه البساطة لماذا تتم المطالبة بضم هذه المناطق إلى إقليم كردستان ؟.
إن عدد نفوس الإيزيدية في العراق لا يقل عن (650,000 ) نسمة بكل تأكيد ، وأن هذا العدد ولكون الإيزيدية ديانة لها خصوصيتها ، فإنه من الأخلاق والوطنية أن تتعامل الحكومة الحالية معها بلياقة وأحقية كونها شريحة مؤمنة بوطنيتها ولم تشكل في يوم ما عبء على الدولة ، بل كانت على الدوام فريسة سهلة للحملات والنكبات حتى وصلت أحيانا حد الإبادة الجماعية وكمثال على ذلك ما ذكره الكاتب رشيد الخيون في العدد 176 من الاتجاه الآخر بأن خزانة الرؤوس في عهد الخلافة العثمانية استقبلت رأس (300 ) قتيل من إيزيدية سنجار كدليل على الانتصار في الحرب ضد ( الكفار ) ، فهل يا ترى سوف يعيد التاريخ نفسه ولكن بأسلوب أكثر حضاري ؟. وبهذه المناسبة نتوجه بالتقدير إلى كل مسؤول في الدولة عرج على ذكر اسمنا في المناسبات المختلفة ، وهذه نقطة في غاية الأهمية لكي يتعود الشعب العراقي على سماع ذكر الإيزيدية كونها جزء أصيل من الشعب العراقي ، وأخص بالذكر الدكتور الجعفري الذي عندما يتحدث عن تشكيلة الشعب العراقي لا ينس فئة معينة منه إلا ويخصها بالذكر ، ثم أعلن في أكثر من مرة بأن الذي لا تمثيل له علينا أن ننصف حقه بدون تمييز . فكما هو معروف ، فإن الجانب القومي لدى الشعب الإيزيدي لم يكن يوما ما بالأهمية التي يبحث عنه للمطالبة بحقه في العيش من أجله ، ولكن في سبعينات القرن الماضي تعاطف المجتمع الإيزيدي مع الحركة الكردية لعدة أسباب منها وعلى رأسها الجهل السياسي والتصرفات غير المقبولة من قبل المسؤولين في النظام السابق ومن ثم عامل اللغة في عموم مناطق الإيزيديين وخاصة في سنجار . وقد عالجت السلطة المركزية آنذاك ذلك الموقف بخطأ أفدح عندما شملتهم بالترحيل وجمعتهم في مجمعات قسرية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة ، وصادرت أراضيهم وأسكنت المسلمين العرب في قراهم .
أما بعد تغيير النظام فلقد حصل ما لم يكن في الحسبان ، فتدخلت القوات المسلحة الكردية إلى مناطق الإيزيدية فقط وبسرعة البرق وكأنها تريد القول بأنها حررتها . ثم تتابع التدخل السريع ، رغم الرفض السريع لهذا التدخل ، بإدخال المناهج الدراسية باللغة الكردية متجاوزة بذلك حرمة محافظة نينوى وتربيتها وبنود قانون إدارة الدولة ، بل الذي يحصل هو أن إدارات المدارس ترتبط شكلياً بمحافظة نينوى ولكن عملياً تدار من قبل محافظة دهوك ، وكأن الأمر لا يعني ولا يتعلق لا بالإنسان الذي سوف يتلقى هذا التعليم ولا بالمحافظة الإدارية التي ينتمي إليها 90% من المجتمع الإيزيدي ، أي فرض سياسة الأمر الواقع . وبهذا نطالب الحكومة الجديدة بأن تحمينا من أن نكون حقل تجارب لكل من أراد استثمارنا لمصلحته السياسية أو الحزبية ، واحترام رأي المجتمع الذي له الحق فقط في تقرير مصيره بيده ضمن الخط العام لسياسة الدولة وحسب لوائح حقوق الإنسان .
لقد تم ترشيح د. حسن كريم فتاح ليمثل الإيزيدية في اللجنة العليا للمؤتمر الوطني العراقي ، وبعد الاستفسار من جميع مراجع الإيزيدية في العراق والعالم ، لم نتعرف على هذا الشخص الذي سوف يصبح ممثلنا في المجلس الوطني المقبل . وبعد جهود مضنية ومقابلتنا للدكتور فؤاد معصوم ( رئيس اللجنة العليا للمؤتمر العراقي ) في بغداد يوم 7/ تموز /2004 ، تبين أن د. حسن الجاف وهو مسلم كردي ومرشح من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني ليمثل الإيزيدية في هذا المرفق الحيوي . فلا ندري هل سقط هذا الاسم سهواً ؟ أم أن حاله حال أي تعيين حصل قبل هذا الوقت ؟ أو قد لا يوجد إيزيدي من بين آلاف الخريجين وحاملي الشهادات العليا يستحق هذا المنصب ؟. إذاً هناك خطأ كبير وعمل ينسج في الخفاء لمحونا وتذويبنا تحت جناح القومية ، لذا ننبه إلى خطورة هذا المشروع الذي قد يؤدي إلى الهدم وليس إلى البناء والاستفادة من الأخطاء التي قد تكون حصلت بدون علم القيادات ، ولكن للأسف لم نشعر بتحسن في الأداء بل حصل العكس . إن هذا الكلام هو ليس إلا نصيحة وقد لا يؤخذ به ، لانه لا يعقل أن يستفاد من أعدادنا ولا يحق لنا التمثيل ، وحتى لو حصلنا على أدنى حق أو تمثيل فيكون بشق النفس وبعد معاناة وكأنه استجداء وليس حق مشروع . وفي ختام كلامي أود توجيه رسالة إلى قادة العراق واذكرهم وهم يعرفون قبل غيرهم ، ولكن لعل الذكرى تنفع ، بأنه لا يوجد عراقي على وجه الأرض لم يذق مرارة ومأساة ما حصل ، ولكن الله غفور رحيم ، وان الذي فات سوف لن يعود . ولكن علينا أن نستفيد من العبر والمطبات التي وقعنا فيها وأن لا نضع أسقامنا كلها على النظام السابق وننسى ما نفعله نحن من أخطاء حيث هناك من يرصد أخطاؤنا مثلما كنا نرصدها نحن ، بل نركز بكل إخلاص على معالجة الخلل الذي ارتكبه ذلك النظام بحق عموم الشعب العراقي والعربي والعالمي لكي نتميز عنه بالانتماء والأصالة والوطنية التي ننادي بها . ثم علينا أن نتذكر بأننا عراقيون قبل أن نكون مسلمين أو مسيحيين أو إيزيديين أو صابئة أو أكراد أو عرب أو شبك أو تركمان أو كلدوآشوريين . وقد يفسّر هذا الكلام على أنه ضد مصلحة جهة معينة ، ولكن هذه هي حقيقة الشارع الايزيدي التي قد تغضب البعض والحقائق دوماً تكون مرّة . أما أن نأتي وننسى وطنيتنا ونتفنن في نهش جسم العراق ،فهذا ما لا يغفره لنا التاريخ والمستقبل وسوف نندم جميعاً في آت الأيام لا سامح الله .




علي سيدو رشو/ رئيس رابطة المثقفين الايزيديين
الموصل في 20/8/2004
rashoali@yahoo.com
Tags:

0 التعليقات

Leave a Reply

سيتم قراءة تعليقك من قبل هيئة التحرير وفي حال الاسائة الى جهة ما، سيتم حدفه بالفور!.
الاكاديمية الايزيدية

About

صفحة جديدة 1

مواضيع الاكاديمية