You Are Here: Home» » لماذا هذا الاهتمام بدور الايزيديين الآن؟






إن ما يحصل اليوم في الشرق الاوسط ليس أعتباطاً، وهو ليس لعب عيال بقدر ما هو إعادة رسم هيكلية جديدة تناسب الاستراتيجية العالمية من حيث الجيوسياسيا وسيطرة الشركات الاحتكارية على رأس المال العالمي من خلال البحث عن أصغر الحلقات التي تربك وتعّقد الوضع العام  لإحداث ثغرات في الطرف المقابل وتسويسه لحد الخراب، وبالتالي يسُّهل من السيطرة على الواقع.
 نرى ومنذ فترة بأن هنالك بوادر لتحريك المجتمع الايزيدي واختبار امكانياته الفعلية، و لم تأتِ هذه البوادر من الفراغ، بل هي الأخرى قد جاءت بتخطيط وبرنامج مدروسين وبحسابات دقيقة. ومن هذه التحركات زيارة سمو الامير تحسين بك إلى أمريكا ولقائه ببعض الشخصيات السياسية المهمة. زيارة سموه وكذلك بابا شيخ إلى بابا الفاتيكان، زيارة وفد رفيع المستوى متمثلاً بالمجلس الروحاني إلى جورجيا للقاء الايزيديين ومن هناك، تلاها زيارة نفس الوفد إلى إيزيديي ارمينيا، عقد كونفرانس إيزيدي في المانيا، زيارات متزامنة ومتوالية لرئيس وزراء اقليم كردستان ومحافظ نينوى والقنصل الامريكي وممثل الامم المتحدة إلى لالش ومن ثم عقد كونفرانس (إيزيدي) في دياربكر بتركيا، إضافةً إلى العديد من التحركات الاقليمية والمحلية الأخرى، كما هو الحال في التنافس الذي جرى مؤخراً بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة اقليم كردستان على فتح فضائية للإيزيديين والمسيحيين.   
 لقد بدأ مصير الشرق الاوسط يتغير (يتحرك) بسرعة غير متوقعة على حد معرفتنا نحن البسطاء، ولكن علينا أن لا نتعجل في أمرنا نظراً لجسامة وضخامة الامور، وتشابك تداخلاتها. فالمؤامرة على الواقع موجودة وهي تعيش بين ظهرانينا ولها فينا حصة، كما أنه لنا فيها نصيب. فنحن المجتمعات البريئة نشكل المادة الخام الأساسية التي بها يحقق المتآمرون مطامعهم في ظل غياب الوعي الحكومي للمعادلة الدولية الجديدة. وبذلك يجب أن نتعلم منها ونأخذ منها ولو بعض العِبر البسيطة، أي أنه علينا عدم الإغفال عن مستحقاتنا على قدر الامكانية في المعادلة بسبب معاناتنا ومقدار ضحايانا في هذه المعركة. وبما أن المؤامرة موجودة، كما قلنا، فإن المخططين لها هم في تيقن ووعي لما ستحصل من تطورات على أرض الواقع، وأنهم متمسكون بالخيوط الاساسية ويتابعون عناصرهم ويقيسون قدراتهم على أستيعاب تلك التطورات والتعامل معها بحيث لا تفلت الاحداث عن المدار المرسوم.
  ما أريد قوله هو أن أحد أهم أركان هذه الأحداث ومفاتيحها الرئيسية بعد دراسة الواقع والوقائع على الأرض هو الأقليات الدينية والعرقية التي تعيش ضمن المكونات الكبيرة والتي عانت وتعاني الأمرّين على أيدي الأغلبية في غياب قانون أساسي يعترف بالجميع على أساس المواطنة، وبالتالي فإن ساحة هكذا مجتمعات مفتوحة دوما على احتمالات الهيجان الشعبي بسبب ذلك الخلل في المساواة على أساس الاغلبية والاقلية (وهو خلل حقيقي ومفتعل في آنِ معاً). ولا يفوتنا بأن نقول بأن الإيزيدية تلعب اليوم دورا محوريا في الشرق الاوسط بسبب عاملي الدين والجيوسياسية. فعلى الرغم من أن الايزيديون في العراق، على سبيل المثال لا الحصر، يمثلون أقلية على مستوى الدولة، ولكنهم يشكلون الاغلبية في مناطق تواجدهم وأن جيوسياسيتهم تضعهم في المعادلة السياسية رغماً عنهم بسبب أشتباك المصالح الكبرى لغير الايزيديين (العرب السّنة، الكرد، الامريكان، العرب الشيعة، الفرس، الترك والاسلاميين في جميع تلك الأماكن) على أرضها بما يخدم مصالحهم. وهذا ما دعت العديد من الجهات في ظرف زمني قصير بإبداء هذا الاهتمام بهم وكان آخرها المؤتمر الذي أنعقد في دياربكر وتحت أسم الإيزيدية وبمشاركتهم الفعلية، إلا أنه في حقيقته مؤتمر سياسي بامتياز في عقده وختامه وتمويله ووقته وأرضه وبيانه الختامي، وأن الايزيدية لا تحصد منه سوى المزيد من الدوران في نفس الفراغ الذي عاني منه سابقاً، بل أن المؤتمر المذكور وضعهم في خدمة غيرهم من غير أن يعوا مستقبل هذه المشاركة، والدليل على ذلك هو خطاب السيد أردوكان بعد الكونفرانس مباشرة عندما وصف الايزيديين بالارهابيين في اشارة إلى تعاونهم مع حزب العمال الكردستاني. كما أن مجرد أنعقاده على أرض تركيا فإنه يشير إلى ما نذهب اليه حول أهمية المكون الايزيدي ضمن هذه المعادلة الشرق اوسطية، ولكننا نرى في ذات الوقت بأن تواجد الايزيدية في هكذا مؤتمر على أرض تركيا يمثل التنازل عن دماء مئات آلاف الضحايا الابرياء من الايزيديين وحقوقهم في الاملاك التي ضاعت بسبب عدم المطالبة بتلك المستحقات على غرار مطالب الارمن من على منبر ذلك الكونفرانس، مما يؤكد بأن عقد الكونفرانس لم يمت بصلة إلى اية قضية تخص الشأن الايزيدي. في الوقت الذي كان من الممكن استغلاله للمطالبة ولو في فقرة من بيانه الختامي بالاشارة إلى ضحايا وأملاك الايزيديين التي  هنا كان على الايزيديين أن يحسنوا اللعبة ويحفافظوا على الثوابت والإبقاء على الاصدقاء الداعمين لمصالهحم وكذلك المنادين بمصلحتهم. وكما قلنا في بداية كلامنا فإن الوقت الان يدور لصالح الايزيديين إذا ما أحسنوا التعامل الواقعي مع الحدث وليس على أساس العواطف. ويمكن فهم الاعتذار الذي قدمه السيد أحمد ترك، رغم أهميته، على أنه مطلب سياسي قبل أن يكون صحوة ضمير وهو لايمثل أكثر من وخز ابرة مسكنة في الجسد الايزيدي، وكذلك لا يمكن قبول الامر على أن هذا الكونفرانس بعيد عن اعين المخابرات التركية وموافقتها. فعلى القيادات الايزيدية أن تضع المصلحة العليا لهذا المجتمع في نصب العين لما بعد مئات السنين من خلال استحضار التاريخ ومن ثم التشاور والاستئناس بالاراء لأن الشرق الاوسط والعالم الاسلامي بشكل أساسي مُقبَل على تغير كبير رغماً عنه. فالوقت لذلك قد حان كما هو مخطط له منذ سنة 1776 في فرانكفورت الالمانية عندما أنتهى البروفسور آدم وايزهاوبت استاذ القانون في جامعة أنغولت شتات من مهمته بإعادة البروتوكولات القديمة على أسس حديثة. وبحسب هذا المخطط فإن العالم سيتم تقسيمه إلى معسكرات متنابذة تتصارع إلى الأبد حول عدد من المشاكل التي تتولد عن بعضها دونما توقف، اقتصادية واجتماعية وسياسية وعنصرية ومن ثم تسليح هذه المعسكرات بعد خلقها ثم يجري تدبير "حادث" في كل فترة يكون من شانه أن تنتفض هذه المعسكرات على بعضها البعض فتضعف نفسها محطمة الحكومات الوطنية والمؤسسات الدينية. وكان قد تم تكليف كلنتون روزفلت (الجد المباشر لفرانكلين روزفلت )، وهوراسغيرلي وتشارلزدانا لجمع المال لتمويل المشروع الجديد. وقد مولّت هذه الارصدة كارل ماركس وانجلز عندما كتبا "رأس المال" والبيان الشيوعي في حي سوهو في لندن. وكانت مهمة النورانيين في المخطط المنقح الذي وضعه وايزهاوبت للمؤامرة القديمة قدم الزمن هي تنظيم وتوجيه السيطرة على جميع المنظمات والجمعيات العالمية عن طريق إيصال عملائهم إلى المراكز القيادية الحساسة فيها. وهكذا ففي الوقت الذي كان كارل ماركس يكتب "البيان الشيوعي" تحت إشراف جماعة من النورانيين كان البروفسور كارل ريتر (الذي عرف فيما بعد بالفيلسوف نيتشة)، من جامعة فرانكفورت يعُد النظرية المعادية للشيوعية تحت إشراف جماعة أخرى، بحيث يكون بمقدور رؤوس المؤامرة العالمية استخدام النظريتين المتعاكستين في التفريق بين الشعوب والأمم بصورة ينقسم الجنس البشري إلى معسكرين متناحرين يتم تسليح كل منهما ودفعهما للقتال وتدمير بعضهما والمؤسسات الدينية والسياسية لكل منهما (1).
   فقامت حربين عالميتين في اوربا، والحرب الفرنسية 1789، والثورة الاشتراكية في روسيا والآن بعد الاستقرار الذي حصل في أوربا عقب تلك المآسي البشرية فإن العقد سيدار على افتعال الازمة في الشرق الاسلامي لأن عوامل النجاح فيه قد تم استحضارها وتجهيزها بعناية فائقة. ولكن بعد أن أصبح العالم اليوم قطباً واحداً ومعسكراً لا ينافسه مناسب عقب إزاحة النظام الشيوعي بزعامة الاتحاد السوفيتي 1989 عن الطريق. فإن اللعب الان يجري في ملعب الشرق الاسلامي الذي يعيش في كنفه غالبية الأقليات التي تعاني التهميش والأضطهاد على الأساس الديني والقومي اللذان سيشكلان المحور الاساسي والمفتاح الرئيسي لتغيير الواقع وقلب الموازين في الشرق تحت حجة ضمان الحقوق الاساسية لتلك الاقليات. الغاية منها هي توجيه الانظار عن حقيقة ما سيحصل فقط ولكن الهدف الأساسي منه هو تحقيق أهداف أخرى ذات ابعاد أستراتيجية. وهو مخطط قد بدأت خطوته الفعلية الأولى منذ الاحتلال السوفيتي لأفغانستان في نهاية شهر ديسمبر عام 1979، ومجيء الحزب الاسلامي في ايران 9/2/1979 بالتوافق مع استلام صدام حسين الحكم في العراق 16/7/1979. وقد تم تأجيل فترة اساسية من هذا المخطط بسبب زيارة الرئيس المصري أنو السادات للقدس في 20/11/1977، ولكن تم وضع مخطط العملية الفعلي على السكة بعد 11/9/2001.
وما إعلان الولايات العشرين بالاستقلال عن أمريكا قبل ايام إلا خطوة أخرى في هذا المنحى من أن العد التنازلي بدأ يسري في جسم الكيان الامريكي الذي سيكون هو الآخر في مرمى هذا المخطط ولم يسلم منه مكون يعيش على سطح هذا الكوكب ولكن لكل منهم وقته وما مرسوم له من دور. فهل سيعقل القادة الايزيديين من كل هذا الكم ويحاولون انقاذ ما يمكن الحديث حوله بتاسيس خطاب موحد؟ أتمنى ذلك.
ملاحظة مهمة إلى السيد شفان شيخ علوبخصوص ماورد في مقالك الاخير حول موافقة الجمعيات الايزيدية تحت سقف رابطة الاكاديميين الايزيديين (التي لم يتم تشكيلها رسميا بعد كما اشرت في مقالك بأن المؤتمر التاسيسي لها سيعقد في 17/11/2012)، غير صحيح بالمرة. فليس لجمعية كانيا سبي، أومركز لالش المانيا، أوالمجلس الاستشاري الايزيدي في بيليفيلد (الذي هو الآخر لم يتم تشكيله رسمياً بعد)، أوالبيت الايزيدي في بيليفيلد، وكذلك الجمعية الايزيدية في اوربا (يس)، علم بما كتب باسمهم، ولم يوقع أحد من هذه الجمعيات على ذلك البيان. وقد اتصلت شخصياً برؤساء جميع تلك الجمعيات بعد نشر الخبر من قبل الرابطة وأنكروا جميعاً موافقتهم على ذلك البيان، وإنما تم نشره بدون علمهم. واتصلت كذلك بالدكتور شفيق حيث قدم مشكوراً اعتذاره عن الخطأ الذي اقترفوه ونقلت ذلك الاعتذار إلى تلك الجمعيات في اجتماع رسمي في بيليفيلد واكتفوا باعتذار الدكتور شفيق بعدم الرد على بيان الرابطة. فأرجو أن تؤكد صحة هذا الخبر من الدكتور شفيق لينقل لك حقيقة ماجرى.
علي سيدو رشو
المانيا في 15/11/2012
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): احجار على رقعة الشطرنج، 1973. وليم غار كاي، ترجمة سعيد جزايرلي، مراجعة وتحرير م. بَدوي. دار النقاش- بيروت، ص16.  
Tags:

0 التعليقات

Leave a Reply

سيتم قراءة تعليقك من قبل هيئة التحرير وفي حال الاسائة الى جهة ما، سيتم حدفه بالفور!.
الاكاديمية الايزيدية

About

صفحة جديدة 1

مواضيع الاكاديمية