من الصعب أن يحصل حسم في مسألة بهذا الشكل
بين حالتين متناقضتين؛ إحداهما تطالب بوضع حد للانتهاكات واحترام قيم الانسانية
وحماية الطفولة بحسب ماجاءت بها القوانين السماوية والوضعية وما ترشّحت عن تراث
الانسانية من قوانين وضعتها الامم المتحدة للحفاظ على كرامة الانسان بعد طول
معاناة مع الانتهاكات الجسيمة، وكذلك أعراف المجتمع الشرقي من جيرة وتاريخ ونضال
مشترك بما فيه الكفاية من إراقة الدماء في سبيل نيل الحقوق لكي يكون ذلك الحق
السند والظهير الشرعي لهم في يوم من الايام. أما الموقف الآخر فهو هدم كل هذه
المطالب والدعوات والنداءات والمناشدات والقيم بتقرير تلفزيوني في ظرف لم يتجاوز
دقائق من البث من قناة كردية. فالأمر، على الاقل من وجهة نظري، لم يكن من تخطيط
جهة دينية بذاتها للتفريق بين الايزيديين والقيادة الكردية بقدر ماهو رسالة واضحة
للمجتمع الايزيدي لكي يفهم ويستوعب مستقبله غير الآمن في كردستان المقبلة. فما
حصلت من قيامة في الشيخان في فبراير/شباط 2007 كانت بمثابة إنذار "ج"
لواقع ومستقبل الايزيديين ضمن النسيج الكردستاني، ليس لأنه مجموعات إرهابية هاجمت
على الناس الامنين بتخطيط مسبق وإنما بسبب غياب القانون الرادع لمن يتعدى حدود
المواطنة والجيرة والتاريخ المشترك. إذن ماذا يستطيع المواطن الايزيدي المنتهك
كرامته أن يفعل أكثر من هذا الكم من الدعوات إذا لم تستجب حكومته الموقرة ولو
بالتلميح، على الاقل، على نداء سمو الأمير تحسين بك؟
فحلقات هذا المسلسل مترابطة منذ اليوم
الاول من سقوط النظام وأن ما يحصل بحق الاقليات ومنهم الايزيديين في الاقليم ليس
بدوافع من خارج كردستان كما يسميه البعض، وحتى لو كانت الامر كذلك فمن أقدس واجبات
الحكومة هو حماية الناس وممتلكاتهم وأمن عوائلهم. وقد قالها المواطن الكردي بعفوية
شديدة عندما دار الحديث بينه وبين السيد مصطو دنايي "عاد أخي الكوردي إليّ بسؤال آخر
وقال: صدقني العراق ليس مكان الاقليات وانتم مهددون.. لذلك اناانصحكم ان تبحثون عن
حل لكم.. الذهاب الى اوربا افضل لكم لان العيش مع الاسلام المتطرف مستحيل؟
ناضلوالأجل القضية الكوردية من الخارج؟ نصيحة الاخ الكردي التي جاءت بعفوية صادقة
تقول إرحلوا من العراق وناضلوا من أجل القضية الكردية من الخارج. لاحظوا ما
يقوله هذا المواطن وينصح الايزيديين بترك وطنهم ومن ثم ندافع عن قضيتهم الكردية من
الخارج، يعني حتى لو خرجنا من وطننا فيجب أن ندافع عن الكرد لأننا خدم ويجب أن
نخدمهم رغماً عنا.
لقد انتهى مصير القائممقام الاول في أحداث 2007
بمسرحية وضيعة وبدون محاسبة للمسبب الحقيقي للمشكلة، وتبعه القائممقام الثاني بما
هو أشنع حتى وإن كان هو قاتل نفسه، وبذلك فلا أعتقد بأن هنالك من يضحي بحياته
خلفاً للقائممقام المغدور. هنا لا نريد أن نطوِّل على القاريء الكريم ولا نريد أن
نزيد على ما سبقونا في الكتابة عن هذا الموضوع ولكن نقول بملأ الفم بأنه لا مستقبل
للإيزيدية في كردستان في ظل هذا الفلتان العشائري وضمن مجتمع لا تقاس فيه الامور
على أساس قانوني واحترام المواطنة والنضال المشترك، وأوضح دليل على ذلك هو ماجاء
في بيان البعض من منظمات المجتمع المدني الكردية والصمت الرسمي الكردي لحد هذا
اليوم بعد ثلاثة أسابيع من الاختطاف البغيض بحق طفلة لم تتجاوز الثانية عشرة من
عمرها والتي يستشف منها هو أن يترك الايزيديون قضيتهم في هذه المرة ايضا كسابقاتها
لان القيادات الكردية قد تعودت على هكذا
مواقف منهم وراهنت دوماً على الزمن.
إن حركة التغيير هي حركة
سياسية معارضة لنظام الحكم في كردستان وهي حاولت وستحاول شق السسياسة الكردية
لصالحها. وكانت هذه القضية ستخدم واقعها فيما لو استخدمتها بمهنية وعقلانية، ولكن
انقلبت وبالاً عليها بفعل هذا الاخراج المفبرك الوضيع بتغيير معلومات تسجيل
البيانات في الوثيقة الرسمية لتلك الطفلة من خلال صحفي لم يعي معنى تلك اللعبة مع مجتمع
قد تعلّم من الآهات ماهو كثير، خاصة عندما عرضوا صور الفتاة دعاء أكثر من صور تلك
الطفلة بهدف إثارة الرأي العام الاسلامي، في حين كان قتل دعاء محل استهجان
الايزيدية قبل غيرهم. فما عرضته قناة كي ان ان في هذا الصدد كانت إشارة واضحة على
أن الحكومة الرسمية لا تستطيع حماية المواطن الايزيدي وأن القانون العشائري هو فوق
الدستور والقانون، وإلا لماذا تجتمع لجنة من البرلمان لهذا الهدف مادام البرلمان
هو نفسه قد شرّع تلك القوانين؟ وهل لكل حالة فردية تحصل هناك ستجتمع لجنة برلمانية
لتكون بديلاً عن الدستور والقوانين؟ وعلى ماذا توصلت تلك اللجنة عندما قررت ارسال
وفدين إلى عائلتي الطرفين وكأن الموضوع قد حدث في محلة من قرية كلكجي؟ ثم بماذا
يمكن أن يرد الصحفي الكوراني على قول والد الطفلة عندما قال بأنه كان في أربيل يوم
الحادثة بينما أدعت الطفلة بأن ناس من مجمع مهد كانوا في بيتهم ومعهم الحلوى
ليطلبوا يدها إلى شاب من مجمع مهد؟ هل يجوز أن يتقدم أحد لطلب يد فتاة قاصر
ويذهبوا إلى بيتهم بدون علم والدها أو حضوره في البيت وهو حي يرزق؟ ماذا كانت تفعل
الطفلة في خارج المنزل في وقتها؟ هل بإمكانها أن تقدم اسم الشخص أو العائلة التي
تقدمت لخطبتها؟ هل بإمكانها تسمية شاهد من القرية يشهد بحصول طلب يد الطفلة من شخص
من مجمع مهد؟ أليس تبديل بيانات التسجيل في بطاقة الاحوال الشخصية وتغيير العمر
فيها بحاجة إلى معاملة في محكمة الأحوال الشخصية وهي قد تستغرق في الاحوال
الاعتيادية شهراً واحداً على الأقل؟ هل توجد في محكمة القوش أو تلكيف معاملة
بتغيير عمر الطفلة لتبلغ 15 سنة؟ لذلك، نرى بأن أموراً مهمة قد أستجدت وبحاجة إلى
الاهتمام من الجميع ومن هذه الامور.
1. بناءً
على معطيات واقعية، أن لا قانون يحمي الايزيديين في كردستان مهما قيل في هذا
المجال، ولكن مطلوب منهم المطالبة بإبقاء الموضوع في إطار القانون الجنائي وليس
على أساس موضوع صحفي تعامل بواقع غير مهني من على قناة كي ان ان، أو تفسير الأمر
على أساس ديني فقط.
2. تسليط
الضوء على الاحداث التي مرت على مناطق الايزيدية بجمع جميع تلك الانتهاكات
(الاعتداءات، التغيير الديموغرافي، التعليم، الخدمات، الصحة)، مهما كانت صغيرة
والتعامل معها بكل جدية كأرشيف يمكن الرجوع اليه لاحقاً.
3. أطالب
الاكاديمية الايزيدية في هانوفر وفرعيها في المانيا بالدعوة إلى عقد مؤتمر رسمي
على أرض جمهورية المانيا الاتحادية يشارك فيه المجتمع الدولي ومنظماته الانسانية
ومنظمات المجتمع المدني الايزيدية وممثلين عن جميع القطاعات الشبابية والنسوية
ورجال الدين وبرعاية سمو الامير تحسين بك وبتمويل إيزيدي صرف لكي يكون بعيداً عن
التأثيرات الحزبية والسياسية لمناقشة حاضر ومستقبل
الإيزيديين في بلدانهم الاصلية وفي إقليم كردستان العراق بشكل خاص بما لا يتعدى
شهر مايو/ أيار المقبل لوضع أستراتيجية مستقبلية طويلة الأمد بشكل علمي مدروس.
4. أدعوا
المواقع الالكترونية الايزيدية وخاصة موقع بحزاني نت بأن تقوم تلك المواقع بجهد
مشترك بأرشفة موحدة لجميع الانتهاكات وجمعها في ملف تحت عناوين مختلفة (انتهاك
حقوق الانسان، المرأة، التهجير، الهجرة، التغيير الديموغرافي، السجون والمعتقلات،
التعذيب ....إلخ)، بحيث يسهل الوصول إليها من قبل الباحثين والمهتمين بحقوق
الانسان وتذكير الكتّاب بمواعيد تلك الانتهاكات لكي تتم الكتابة عنها في ذكراها
السنوية ولا تنساها الاجيال وتتذكر ما لحق بهم من ظلم وقهر وجور وليس كما مرت ذكرى
قيامة الشيخان واستشهاد العمال الاربعة والعشرين في العام الماضي بدون كلمة واحدة
تتحدث عن تلك الأفعال الشنيعة.
5. أطالب
العوائل الإيزيدية بتوعية أفرادها وخاصة الإناث بعدم السماح للغرباء والتعامل معهم
بشكل يضع حدوداً واضحة لكي لا يفسحوا لهم المجال، لأن أول ما يتبادر إلى ذهن
الغريب بحق الايزيدي هو الطعن في شخصيته وعرضه وشرفه وأن الوعي مطلوب للحفاظ على
نقاوة ونظافة مجتمعنا من التلوث الذي أصابنا بحكم الظروف.
6. تفعيل
المطالبة بإقامة دعوة قضائية على فضائية كي ان ان لانتهاكها واجباتها المهنية
وتحريض وإلهاب الرأي العام المسلم ضد الإيزيديين في اقليم كردستان العراق.
7. أدعو
الشباب الايزيدي إلى التعامل مع حالات الاختطاف من هذا النوع بشكل مختلف عن غيرها
من قضايا الفتيات والنسوة وعدم النظر اليهن بعين الريبة إذا ماكانت الحالة من
النوع الذي تعرضت له هذه الطفلة. بل أدعو الشباب الايزيدي الواعي إلى التقدم لخطبة
الطفلة سيمون من والدها حال الافراج عنها وأن لا تتعرض الطفلة لأي نوع من
الاعتداء، لا بل حمايتها واقامة عرس يشارك فيه الجميع وباحتفال مهيب لكي يتم تبديد
هذه الفكرة التي بها يحاولون وضع صور حديدي حول اية إيزيدية ومن ثم غسل تلك الحالة
النفسية التي تعرضت لها الفتاة.
8. الكف
عن الاستجداء مع الإستمرار في ممارسة الضغط عِبر جميع الوسائل الاعلامية الممكنة
وعدم التهاون أو التوقف عن مطالبة السلطات الرسمية في أقليم كردستان العراق بإعادة
الطفلة إلى ذويها والمطالبة بإنزال العقوبة القانونية بحق المجرم على فعلته
الشنعاء ورد الاعتبار إلى تلك العائلة والمجتمع الايزيدي وتعويض الطفلة وعائلتها
ماديا ومعنويا.
9. المطالبة
بمعالجة القضية حسب المواد (195
و 372 و 376 و 380 و 387 و 388 و 422 و423) من قانون العقوبات العراقي، كما أن هذا
الفعل هو أعتداء من قبل شخص بالغ على قاصر بموجب
اتفاقية حقوق الطفل حسب المواد (34 و35و36و37و38و39و40) المعتمدة من قبل
الجمعية العامة للأمم المتحدة 25/44 المؤرخة في 20/11/1989 التي دخلت حيز التنفيذ
في 2/9/1990 وفقاً للمادة 49 والبروتوكولات المتعلقة بها، علماً أن العراق من بين
الدول التي وافقت ووقعت على تلك الاتفاقيات والبروتوكولات.
العزة والكرامة لمن هي تحت
رحمة الذئاب البشرية وكل الخزي لمن يستخدم الدين وسيلة لغاية رخيصة.
علي سيدو رشو
في 2/2/2013
0 التعليقات