يمكن أن يعتبر الباحث أن الأساس الموضوعي لمكانة المراة في الديانة و الحضارة الروآدية الإيزدية يتجسد في العرف و العادة المعاشة في المجتمع. يتلقاها الفرد بشكل مباشر و عفوي من والديه و من شيخه و بيره بدون تكلف. هذه القاعدة تستند إلى المثل الشعبي الشائع و القائل :
" شير شيرا جه مى جه نيرا" = الأسد أسد أنثى كان أم ذكر . هكذا بلغة شعبية بسيطة و بعمق وسعة في المدلول رسخ المثل قبول هذه المكانة في العقل الاجتماعي للفرد مربوطة بـ " القدرة" و "العطاء" .
في الأدب الديني الإيزيدي يتجسد مفهوم الالوهية بمسطلح " خودا" = خالق ذاته و " أزدا " بمعنى خالقي و منه تأتي تسمية الإيزيدية . في الاسمين تجوز المخاطبة بصيغة المذكر و صيغة المؤنث .
في مفهوم الالوهية بعد الخالق "خودا" يأتي مفهوم الحيازة و الإدارة أي الخودان المسؤول . في ترتيب الخودان هناك 25 خودانًا كبيرًا في الإيزيدية*1. كذلك كان العدد في سورا ماري عام 2500ق.م *2. في حين أن الخودا أي الخالق هو واحد اليوم و كذلك قبل 4500 سنة .
بين أسماء الخودان يوجد أسماء مؤنثة من أهمها " بيرا فات " التي وفق الإيزيدية نقلت تكليف تعمير الكون من الملائكة إلى الانسان عندما تكون 7 أسر من سلالة آدم و سيدي بن جر. و تذكر المصادر خودانًا مؤنثًا آخر هي " خاتونا فخرا" و هيا الخودان المانح للعون و المدد . خاصةً للنساء في حالات الولادة.
هذه الرؤية اللاهوتية لمكانة العنصر المؤنث يؤسس لها مكان اجتماعية متساوية مع مكانة الذكر يحكم فيها عامل " القدرة" ، و " العطاء" دون تمييز في النوع .
هذه الحالة هي الأصل المتوغل في القدم في تقدير مكانت المرأة. نجدها في جزيرة العرب أيام دعوة الرسول محمد ممثلةً في حالة المسؤولة عن شؤون الحسبة في جزيرة العرب و هي إمرأة. كذلك كانت السيدة "سجاع" تقوم بمهمة النبوة في بني خويلد . و كذلك كانت السيدة خديجة بنت خويلد من كبار رجال أعمال عصرها يعمل في مؤسستها الكثير من الأعلام من أمثال الرسول محمد بن عبد الله . و هكذا كانت أيضًا هند بنت عتبة زوجة أبو سفيان كان لها مخازن عطور في الشام و اليمن يومها كانت جزيرة العرب إداريًا تابعة لنهاوند مركز الحضارة الروآدية قرب بغداد اليوم " المدائن" .
و عند دخول جيوش العرب إلى سوريا كانت الآنسة "فرو" إبنة أمير جوم حاكمة في منطقة أرزن في ملاطيا، و كانت السيدة " ملانوشا"*3 ملكة على إقليم الخابور . و كانت "إزميرا"*4 شقيقة ملك مركه فروخ بن أهران محافظة في منطقة السليمانية و باسمها سمي الجبل القريب من السليمانية.
في المجتمع الروآدي الإيزيدي بقيت المرأة تأخذ مكانها وفق قدرتها و عطائها و في خمسينيات القرن الماضي تولت السيدة الفاضلة " ميان خاتون " مهمة أميرة على الإيزيدية في العالم لمدة عقد كامل من الزمن. كان ذلك قبل أن تصبح أنديرا غاندي حاكمة في الهند و قبل مارجريت تاتشير في بريطانيا بعقود من الزمن و هذا عايشه جيلنا.
رغم أن بنية المجتمع الروآدي الإيزيدي تحطم عبر 72 فرمان إبادة منها 56 فرمان شنه العثمانيون الأتراك. و الفرمان الأخير 73 *5حدث في ظل سيادة قيادات البرزاني في الموصل حين تحولت الموصل إلى عاصمة للإرهاب في العراق. هذه الفرمانات المتلاحقة كرثت تخلف في الواقع الإيزيدي و شتت الجتمع الإيزيدي و أضاعت ملكه و كيانه. رغم ذلك بقيت الإيزيدية بتراتيلها الدينية بلغة الأم و نسق أعيادها الـ13 في السنة و طقوسها و شعائرها محافظة على البنية الروحية للفرد الإيزيدي. تحافظ على أهمية البنية الاجتماعية و أهمها مسألة الزواج معتبرًا ذلك تأسيس لأسرة جديدة قدرت المرجعية الإيزيدية في العراق كلفة تأسيس هذا البيت بـ"200" دينار حددتها مهرًا للعروس . كذلك فعلت الأكاديمية الإيزيدية في ألمانيا التي اشترطت أن لا تتجاوز كلفة تأسيس بييت جديد – مهر العروس – عن 7000 يورو و كل ما قلت الكلفة كان البيت أكثر بركة .
خلاف ذلك من المبالغات دخلت على المجتمع الإيزيدي من عادات الجيران و جشع بعض ضعاف النفوس و هي حالات يجب أن تزول.
إلى ذلك يتطلع الشباب و الشابات من أبناء مجتمعنا و الله ولي التوفيق.
حسو أمريكو
مصادر البحث :
*1. د. خليف جندي نحو معرفة الإيزيدية
*2. سورا ماري مدن و حضارات أ. سازانوف
*3. فتوح الشام للواقدي
*4. المستضعفون الكرد د. جمال نبز
*5. محاضرة هامبورج للحزب السوري السومري
0 التعليقات